سفارة الجزائر بمدريد تحيي اليوم الوطني للذاكرة
سفارة الجزائر بمدريد تحيي اليوم الوطني للذاكرة
تحت إشراف سعادة السفير، السيّد عبد الفتاح دغموم، تشرّفت سفارة الجزائر لدى مملكة إسبانيا، على غرار كافة ممثلياتنا الدبلوماسية والقنصلية عبر العالم، بإحياء اليوم الوطني للذّاكرة المخلّد، هذه السنة، للذّكرى الــــ80 لمجازر 8 ماي 1945.
وبهذه المناسبة، التي شهدت حضور أعضاء عن الجالية الوطنية المقيمة بإسبانيا وكذا كافة طاقم السفارة، تمّ عزف النّشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت ثمّ تلاوة فاتحة القرآن الكريم، ترحّما على أرواح شهدائنا الأبرار.
كما ألقى سعادة السفير كلمة على الحضور، إليكم أدناه نصّها الكامل:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين
السيّدات والسادة من أعضاء الجالية الوطنية الموقّرة المقيمة بإسبانيا،
الزميلات والزملاء الأفاضل،
الحضور الكرام،
لي كلّ الشّرف أن يتجدّد لقائي بحضرتكم هذه الصبيحة وبلدنا المفدّى، الجزائر، يحيي اليوم الوطني للذاكرة المصادف لتاريخ 8 ماي من كلّ سنة، تلك الذكرى الأليمة التي تعود بالأمة الجزائرية إلى ذاك اليوم الدامي من 8 ماي 1945، أين اقترفت حينها أبشع المجازر في حقّ بناتها وأبنائها من قبل نظام استدماري غاشم واستبدادي.
فما كان ذنب خيرة ما أنجبته هذه الأرض الطاهرة سوى الخروج سلميا والاحتشاد بالملايين في شوارع مدن وقرى الجزائر، بغية المطالبة بحقّه المشروع في الانعتاق ونيل الحريّة والاستقلال. وهذا لم يأتي من العدم بل كان حصيلة مريرة لأزيد من قرن من النضال والكفاح وتعدّد المسيرات والحركات الوطنية ضدّ منظومة عنصرية، فٌضحت وُعُودها الكاذبة بينما العالم برمّته يحتفل بنهاية الحرب العالمية الثانية.
إنّ كلّ عبارة نجيدها للتعبير عن ما يَنتَابُنا من مشاعر حزن وأسى على استشهاد عشرات الآلاف من آبائنا وأجدادنا الذين سقطوا في ميدان الشرف، رافعين لصوت الحق وللراية الجزائرية، لا يمكنها أن تصف مدى وحشية وبشاعة الاستعمار وما اقترفه في ربوع القطر الوطني، لا سيّما سطيف وقالمة وخراطة التي دفعت بالغالي والنفيس لتبقى كدماتها وصمة عار على الإنسانية جمعاء وعلى القوى الكبرى التي تجرأت آنذاك التواطؤ مع المحتل وإيديولوجيته الهادفة إلى الإبادة الجماعية.
إنّ انتفاضة الشعب الجزائري يوم 8 ماي 1945 لم تكن إلاّ مستهلا مباركا لاندلاع أعظم ثورات التاريخ المعاصر، تلك التي فجّرها مجاهدونا الأشاوس من قمم الأوراس الشامخة، في الفاتح من نوفمبر 1954، لتسود كافة شبر من وطننا العزيز وبعبارة قويّة وموحدّة : ما سلب قهرا من أرض الجزائر الزكية ومن شعبها العظيم لا يسترّد إلاّ بالقوّة والكفاح المسلّح.
ولأنّ الذاكرة تأبى النسيان، 80 سنة بعد هذه الأحداث الأليمة والبطولية في ذات الحين، ها نحن اليوم وكلّنا اعتزاز وافتخار بأن نكون بإذن الله تعالى خير خلف لخير سلف لقامات الجزائر الأصيلة، على إيفاء وعودنا في استلام مشعل الحريّة وتسليمه بين أجيالنا المتعاقبة الغيورة على سيادة وطنها ورفعته بين الأمم، والحافظة للتاريخ الأزلي للجزائر.
نحن نمضي قدما ونسعى سويا لخدمة الجزائر وازدهارها، بفضل الله عزّ وجلّ ثم بفضل القيادة الحكيمة والرشيدة لأعلى سلطات البلاد وعلى رأسها، سيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
فنظرتنا إلى أفق نتمناه دائما مشرقا للجزائر الحبيبة، لا يمنعنا البتّة من حفظ رسالة وإرث أسلافنا، فصفحة الاستعمار طويناها منذ زمن والحمد لله ولكنها لن تمزّق ولن تسقط بالتقادم، للتذكير بمن له المسؤولية في ذلك أن يعترف بجرائمه كاملة.
ولا يفوتني، في هذه المناسبة، أن أؤكّد لكم على عزم الجزائر، شعباً وقيادةً، لإفشال كلّ المكائد التي تُحاك هنا وهناك بغية زعزعة استقرارها، وكذا مواصلة العمل من أجل تشييد صرح الجزائر الجديدة المزدهرة بسواعد كّل بناتها وأبنائها.
فلنقف اليوم وقفة إجلال وإكبار للترحّم على ملايين شهدائنا الأبرار، متضرّعين إلى المولى عزّ وجلّ أن يسكنهم فسيح جنانه، فهم قدوة لنا في كلّ ما نسعى ونصبو إليه لبلدنا ولاستقراره وأمنه ورقيّه.
عاشت الجزائر حرّة، أبيّة ومستقّلة
المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
"تحيا الجزاير"